بالأمس كان أول أيام عيد الأضحي المبارك ، وكان بالنسبة لي فرصة ذهبية كي أقوم بالاتصال بمن ما زلت علي تواصل معهم . ومن أهمهم بالطبع إخوتي ، وبكل تأكيد أمي وأبي
قمت بالاتصال بأمي ، وتحدثت معها وطمأنتني علي صحتها ، وعلي إخوتي ، وكان من بين ما قالته لي ، وما زلت أذكره إلي الآن ، أنها وبينما كان يزورنا بالبيت بعض الأقارب ، وكانت هي كعادتها ، تقوم بتقديم الطعام المرتبط بالعيد ، كالترمس ، والفول السوداني ، والحمص ، وحلاوة العيد .. إلخ
لكنها ، وكما قالت لي أثناء المكالمة الهاتفية ، رأت ألا تفعل ذلك ، كما اختارت ألا تقوم بإحضار أي من تلك المأكولات
وفي الحقيقة ، فلم أكن لأقف علي سبب ذلك إلا لاحقا . فقد قالت بعد ذلك أنها لم تفعل ذلك بسبب أنها لم تعد لديها القدرة التي تمكنها من النهوض ، إحضار الأطباق ، ووضع تلك الأشياء بها ، ثم بعد ذلك ، وبعد انصراف هؤلاء الأقارب ، سيكون عليها مرة أخري أن تقوم بجمع تلك الأطباق ، وغسلها ، والقيام بتنظيف ما قد يكون هناك من بقايا قد تم تركها بعد الانصراف ، وهكذا
هذا عن أمي . أما بالنسبة لأبي ، فلم أتمكن من التواصل معه ، فقد، بحسب ما قالت أمي ، كان جالسا علي باب البيت . كما أنه هو الآخر وبعد مرضه الأخير ، لم يعد كما كان من قبل
أما المكالمة الهاتفية مع أخي أسامة ، أبو رحمة ، فكانت مقتضبة ، والسبب أنه كان بصحبة آخرين
وفي المساء ، قمت بالاتصال بأخي محمد ، الذي ، وبكل أمانة ، أشفق عليه ، وأيضا كان اتصالي به وحديثي إليه هو ما دفعني إلي الكتابة هنا
أخي محمد هو الذي لطالما عاني الأمرين منذ صغره ، ومنذ أن انتهي من دراسته في الثانوية الفنية
وما زال في معاناته تلك حتي الآن ، فقد أخبرني أنه يعمل بمنطقة تبعد عن ليبيا بنحو ٦٠ كيلو مترا ، وكالعادة يقطع سفرا طويلا عند ذهابه وعند عودته
بعد ذلك قمت بالاتصال بأختي نجوان ، أم زياد ، وطمأنتني هي الأخري عن أولادها : زياد ، وإياد ، وأمينة
قالت لي بأن زياد قد أصبح مؤذنا ، بل إنها تحب صوته جدا عندما يؤذن . لكنها لم تخف لي قلقها بشأن إياد ، الذي لا يحب النزول إلي الشارع ، واللعب مع الأولاد ، بل يفضل الجلوس بالبيت ، ومشاهدة التلفاز
بالإضافة إلي تواصلي مع إخوتي ، وأمي وأبي ، كان لآخرين نصيب من مكالماتي
تواصلت مع طبيب مختبر مستشفي الرويس ، الدكتور أحمد ، وصديقه الدكتور أشرف . كما تحدثت أيضا إلي أستاذ أمير ، أبو عمر ، ثم مع زميل بمستشفي الرويس ، فني بالمختبر ، أ.منير ، وأيضا مع صديق قديم ، كنت معه بمستشفي برجيل ، بأبي ظبي ، أ. محمد سليم
ولكن المكالمة الهاتفية الأهم علي الإطلاق في هذا اليوم كانت مع الأستاذ أحمد ، مدير المدرسة المتكاملة الحديثة
Integrated Modern School - IMS
قمت بالسلام عليه ، ثم عرفته بنفسي ، وتمنيت له عيدا سعيدا . ولم تصبني الدهشة عندما وجدت صوته المميز لم يتغير ، وكيف أيضا أسلوبه الراقي في الحوار كان هو نفسه لم يتغير
وكان أن قمت بعمل اتصال آخر لا يقل أهمية عن اتصالي بالأستاذ أحمد ، إنها الأستاذة هبة الله ، رئيس قسم اللغة الإنجليزية بنفس المدرسة
سلمت عليها ، وتمنيت لها عيدا سعيدا هي الأخري
بالمحصلة ، سعدت كثيرا بقيامي بإجراء تلك المكالمات ، وفي نفس الوقت تركت في النفس بعض الأحزان
نعم ، فإن العمر يمضي وينقضي ، والصحة والعافية لن تدوم ، وأصحاء اليوم ، لن يكونوا هم أنفسهم غدا ، والكل سيمضي وسيرحل ، وسيترك مكانه لغيره ليشغله
يا لها من حقيقة مفجعة ، ويا لها من حقيقة محزنة ، وكيف نحن بكل تأكيد مساكين ، نعيش في تلك الحياة تائهين ، لا نفيق إلا بعد فوات الأوان
في الإمارات العربية المتحدة
أبو ظبي
الرويس
السبت
١١ ذو الحجة ١٤٤١ هجرية
٠١ أغسطس ٢٠٢٠ ميلادية
شكرا جزيلا
محمود عاطف
Comments
Post a Comment