Skip to main content

العمر يمضي وينقضي ، والصحة والعافية لن تدوم

بالأمس كان أول أيام عيد الأضحي المبارك ، وكان بالنسبة لي فرصة ذهبية كي أقوم بالاتصال بمن ما زلت علي تواصل معهم . ومن أهمهم بالطبع إخوتي ، وبكل تأكيد أمي وأبي

قمت بالاتصال بأمي ، وتحدثت معها وطمأنتني علي صحتها ، وعلي إخوتي ، وكان من بين ما قالته لي ، وما زلت أذكره إلي الآن ، أنها  وبينما كان يزورنا بالبيت بعض الأقارب ، وكانت هي كعادتها ، تقوم بتقديم الطعام المرتبط بالعيد ، كالترمس ، والفول السوداني ، والحمص ، وحلاوة العيد .. إلخ 

لكنها ، وكما قالت لي أثناء المكالمة الهاتفية ، رأت ألا تفعل ذلك ، كما اختارت ألا تقوم بإحضار أي من تلك المأكولات

وفي الحقيقة ، فلم أكن لأقف علي سبب ذلك إلا لاحقا . فقد قالت بعد ذلك أنها لم تفعل ذلك بسبب أنها لم تعد لديها القدرة التي تمكنها من النهوض ، إحضار الأطباق ، ووضع تلك الأشياء بها ، ثم بعد ذلك ، وبعد انصراف هؤلاء الأقارب ، سيكون عليها مرة أخري أن تقوم بجمع تلك الأطباق ، وغسلها ، والقيام بتنظيف ما قد يكون هناك من بقايا قد تم تركها بعد الانصراف ، وهكذا

هذا عن أمي . أما بالنسبة لأبي ، فلم أتمكن من التواصل معه ، فقد، بحسب ما قالت أمي ، كان جالسا علي باب البيت . كما أنه هو الآخر وبعد مرضه الأخير ، لم يعد كما كان من قبل

أما المكالمة الهاتفية مع أخي أسامة ، أبو رحمة ، فكانت مقتضبة ، والسبب أنه كان بصحبة آخرين
وفي المساء ، قمت بالاتصال بأخي محمد ، الذي ، وبكل أمانة ، أشفق عليه ، وأيضا كان اتصالي به وحديثي إليه هو ما دفعني إلي الكتابة هنا

أخي محمد هو الذي لطالما عاني الأمرين منذ صغره ، ومنذ أن انتهي من دراسته في الثانوية الفنية

 وما زال في معاناته تلك حتي الآن ، فقد أخبرني أنه يعمل بمنطقة تبعد عن ليبيا بنحو ٦٠ كيلو مترا ، وكالعادة يقطع سفرا طويلا عند ذهابه وعند عودته

بعد ذلك قمت بالاتصال بأختي نجوان ، أم زياد ، وطمأنتني هي الأخري عن أولادها : زياد ، وإياد ، وأمينة 

قالت لي بأن زياد قد أصبح مؤذنا ، بل إنها تحب صوته جدا عندما يؤذن . لكنها لم تخف لي قلقها بشأن إياد ، الذي لا يحب النزول إلي الشارع ، واللعب مع الأولاد ، بل يفضل الجلوس بالبيت ، ومشاهدة التلفاز

بالإضافة إلي تواصلي مع إخوتي ، وأمي وأبي ، كان لآخرين نصيب من مكالماتي

تواصلت مع طبيب مختبر مستشفي الرويس ، الدكتور أحمد ، وصديقه الدكتور أشرف . كما تحدثت أيضا إلي أستاذ أمير ، أبو عمر ، ثم مع زميل بمستشفي الرويس ، فني بالمختبر ، أ.منير ، وأيضا مع صديق قديم ، كنت معه بمستشفي برجيل ، بأبي ظبي ، أ. محمد سليم 

ولكن المكالمة الهاتفية الأهم علي الإطلاق في هذا اليوم كانت مع الأستاذ أحمد ، مدير المدرسة المتكاملة الحديثة
Integrated Modern School - IMS 

قمت بالسلام عليه ، ثم عرفته بنفسي ، وتمنيت له عيدا سعيدا . ولم تصبني الدهشة عندما وجدت صوته المميز لم يتغير ، وكيف أيضا أسلوبه الراقي في الحوار كان هو نفسه لم يتغير

وكان أن قمت بعمل اتصال آخر لا يقل أهمية عن اتصالي بالأستاذ أحمد ، إنها الأستاذة هبة الله ، رئيس قسم اللغة الإنجليزية بنفس المدرسة

سلمت عليها ، وتمنيت لها عيدا سعيدا هي الأخري

بالمحصلة ، سعدت كثيرا بقيامي بإجراء تلك المكالمات ، وفي نفس الوقت تركت في النفس بعض الأحزان

نعم ، فإن العمر يمضي وينقضي ، والصحة والعافية لن تدوم ، وأصحاء اليوم ، لن يكونوا هم أنفسهم غدا ، والكل سيمضي وسيرحل ، وسيترك مكانه لغيره ليشغله

يا لها من حقيقة مفجعة ، ويا لها من حقيقة محزنة ، وكيف نحن بكل تأكيد مساكين ، نعيش في تلك الحياة تائهين ، لا نفيق إلا بعد فوات الأوان

في الإمارات العربية المتحدة
أبو ظبي
الرويس

السبت 

١١ ذو الحجة ١٤٤١ هجرية 
٠١ أغسطس ٢٠٢٠ ميلادية 

شكرا جزيلا 

محمود عاطف

Comments

Popular posts from this blog

لا سبيل سوي النهوض ، والمحاولة من جديد

 السلام عليكم ،  في لحظات الحياة العسيرة ، تجد نفسك عاجزا عن معالجة ما يحدث ، ثم تظل تفكر في اعتبارات عديدة ، وتتساءل ماذا أنا فاعل ؟ وفي تلك الأثناء ، وبينما تحاصرك الهموم والأفكار ، وفي خضم ذلك الصراع ، تبقي حائرا علي من تضع اللوم.  هل تلوم نفسك ، وتؤنبها ؟ أم تحنو عليها وترفق بها ؟  هل تصارحها بالحقيقة ؟ أم تغمض عينيك عنها ؟ لكن أية حقيقة ؟  أليس من الممكن أن تكون أحيانا ظالما لها وجائرا عليها ؟ أليس من المحتمل أن تكون بذلك تحملها أكثر من طاقتها ؟  ألا يكون من العقل والمنطق أن تضع الأمور في نصابها ، وتفكر بشكل إيجابي ؟ هل يمكن أن يكون مفيدا أن أكون حبيسا للماضي ؟  هل ينبغي أن أستسلم لذلك الموقف ، وأن أدعه يتحكم بي ، ويجعلني مكسورالخاطر ، ومجروح الكبرياء؟ علي الإطلاق ، لا يمكن لذلك أن يكون .  في أحلك الظروف واللحظات التي تمر بها ، عليك أن تتماسك ، وتثق في الله عز وجل ، وفي نفسك .  تماسكك لا يعني شيئا سوي ثقتك في الله وفي نفسك ، وعكس ذلك يعني أنك فاقد لها .  في لحظات العسر والشدة يكون كل الخير ، والله عز وجل بذلك لا يريد إلا الخير ....

التقليل من الإنفاق ، وتخصيص المزيد من الوقت للأكثر نفعا

بينما أنا جالس صباح ذلك اليوم ، أقوم بتنزيل ملفات تعليم اللغة الإنجليزية للطلبة الفرنسيين ، كانت الموسيقي تعمل في الخلفية ، ومعها  تتناوب الذكريات علي عقلي وفكري ، فتجلد مع حضورها كل حواسي بلا هواده  من بينها تلك المواقف التي مرت علي منذ بدأت العمل مع مستشفي الرويس. ومع كل لحظة من شغلها لذلك الحيز من تفكيري ، يصيبني الهم والحزن والقلق ، لا لشيئ إلا علي ما قد يكون لذلك من عواقب علي حياتي ، وأيضا علي أهلي : أمي وأبي وإخوتي ، وكذلك علي  صورتي أمام نفسي  .ما أرجوه و أتمني أن يتحقق هو أن أقوم بتسديد ما علي من ديون ، وساعتها لا يهمني ما سيحدث ، أيا ما كان المهم الآن بالنسبة لي هو أن أكون بلا دين ، وأن أبدأ بأسرع ما يمكن لتحقيق ذلك . في نفس الوقت علي أن أقوم بعمل نوع من الموازنة  بين ما أقوم بإنفاقة هنا ، وبين ما سأرسله إلي مصر ، بالإضافة إلي ذلك الجزء الذي سيتم تخصيصه لسد ذلك الدين المستحق  وللتمكن من الوصول إلي ذلك الهدف ، فيمكنني العمل علي التقليل من إنفاقي هنا علي قدر المستطاع . إذ إنه من خلال ذلك يمكنني أن أصنع الفارق بكل تأكيد أعلم أن ذلك سيكون تحديا ، ولكنن...

صاحب المرسيدس

لم لا نجعلها هدفا نسخر كل طاقاتنا من أجله ؟ ولم لا نرسم صورتها في خيالنا علي الدوام ؟ ولم لا نحرص علي أن نكون يوما من أولئك الذين يحظون بها؟ ليكن ذلك الشعار المثبت عند مقدمتها مذكرا لنا علي الدوام بأهمية أن نحيا الحياة بشكل مختلف تماما عما اعتدنا عليه طيلة السنوات الطويلة التي مضت من عمرنا إنها السيارة المرسيدس الرائعة التي لم أجرب قيادتها كي أستطيع وصفها ، ولكن بكل تأكيد ستكون تجربة فريدة ، تستحق التضحية والبذل وتطوير النفس ، وكل ما من شأنه المساعدة علي الوصول إلي امتلاكها ، والتمتع بقيادتها ما هو السبيل إلي ذلك ؟  لا أعلم . ولكن ما أعلمه هو أن يكون لدي سيارة مرسيدس جديدة ليس بالشيئ اليسير . ولن أكون قادرا علي أكون صاحب المرسيدس إلا إذا كنت بحق مؤهلا لذلك إن مجرد وضع ذلك كهدف لما تبقي من سنوات من الحياة في هذه الدنيا ، لا أعلم إذا كانت سنوات أم شهور أم أسابيع أو أيام ، لكن لنفترض أنها كذلك ، إن وضع ذلك كهدف من شأنه أن يغير من الحياة بشكل جذري  إنني وإن لم أستطع الوصول إلي أكون صاحبها ، فسأجني ، بكل تأكيد ، ثمار كل ما يتطلبه ذلك الهدف لكي يتم تحقيقه أنا أقترح أن أردد دوما تلك ...